يواصل موقعا مصراوي وياللاكورة استكمال حملتهما لنشر الحقائق وتوضيح ما حدث للجماهير المصرية في السودان، حيث ننشر رابع حلقات الحملة التي ستستمر علي مدار الأيام القادمة.
كيف تعامل المسئولون المصريون والجزائريون مع الأحداث؟
نوضح في هذه الحلقة ردرود الأفعال الرسمية المصرية والجزائرية مع الأحداث التي سبقت وتلت مباراتيْ مصر والجزائر الأخيرتين في القاهرة وأم درمان، حيث أثارت التجاوزات والاعتداءات الجزائرية في حق المصريين العديد من التساؤلات حول: على من تقع مسئولية تصعيد الأحداث؟ حيث حمل البعض مسئولية تصعيد الأزمة على الموقف الرسمي والدبلوماسي للبلدين.
فالموقف الرسمي والدبلوماسي للبلدين من الأزمة كان يصورها على أنها مباراة بين الشقيقة الكبرى مصر وإحدى شقيقاتها الأصغر الجزائر، وأن المباراة ستتم في جو أخوي هادئ.
وزار الهاشمي جيار وزير الشباب والرياضة الجزائري مصر قبيل المباراة الأولى بين البلدين والتي استضافتها القاهرة وانتهت بفوز المنتخب المصري بهدفين للاشيء، وعقد حسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة مؤتمرًا صحفيًا بصحبة جيار أكدا فيه على عمق العلاقات المصرية الجزائرية وأن المباراة لن تؤثر على العلاقات الوطيدة بين البلدين.
نفس الأمر جاء علي لسان وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، حيث أكدت تصريحاته في الفترة التي سبقت المباراة الأولى على عمق العلاقات المصرية-الجزائرية ومدى تأصلها، وأشار أن البلدين يربطهم تاريخ مشترك ومصير واحد.
كل هذه المؤشرات والتصريحات والمؤتمرات التي تحمل أغلبها الصفة الرسمية أو الدبلوماسية، تدل على أن الرسميين كانوا يرونها مباراة أخوية، وهي مواقف لا تعبر بالضرورة عن الحس الشعبي او الجماهيري بدليل ما حدث بعد ذلك.
حالة الهدوء والود والعلاقات الدافئة رسميًا بين البلدين لم تستمر طويلاً، حيث انقلب الهدوء إلى عاصفة، وتحولت مشاعر الدفء إلي نار حارقة ليلة المباراة، فبمجرد تناثر أنباء عن تعرض أتوبيس المنتخب الجزائري لاعتداء من جماهير مصرية وتكسير زجاج الأتوبيس انقلب الموقف الرسمي وتحولت بوصلته كثيرًا.
وجاءت أولى المواقف الرسمية من الجزائر التي استدعت على الفور السفير المصري بالجزائر على خلفية ما ادعته بـ"تعرض حافلة المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم للرشق بالحجارة عقب وصوله مطار القاهرة"، ونقلت يومها وكالة الأنباء الجزائرية عن بيان صادر عن الخارجية الجزائرية أن الأمين العام للشؤون الخارجية مجيد بوقرة أبلغ السفير المصري عبد العزيز سيف النصر استياء السلطات الجزائرية للحادث، وقال وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي إن حافلة منتخب بلاده تعرضت لاعتداء، معربًا عن إدانته الشديدة لهذا الاعتداء الذي وصفه بـ"الخطير".
ثم توالت ردود الأفعال نتيجة للتصعيد السريع للأحداث فبمجرد انتهاء مباراة 14 نوفمبر بفوز المنتخب المصري بهدفين دون رد وترتب عليها إقامة مباراة فاصلة في السودان يوم 18 من الشهر ذاته، تعرض المصريون العاملون بالجزائر إلى اعتداءات من الجمهور الجزائري، وجاء رد اعتداءات الجماهير الجزائرية كرد فعل على الأخبار الكاذبة التي نشرتها صحف جزائرية عن مقتل عدد من مشجعي الجزائر في القاهرة.
ولم تتوقف الاعتداءات عند هذا الحد، بل طالت ممتلكات المصريين هناك حيث دمروا مكتب تابع لمصر للطيران ومقر شركة أوراسكوم ونهبوا إحدى مصانع العدد التابعة لأوراسكوم تليكوم ثم أحرقوها ولم بكن التصعيد بسبب نتيجة المباراة فقط ولكن بسبب الشائعات التي أطلقتها الصحافة الجزائرية بوجود قتلى بين الجمهور الجزائري .
هنا كانت بداية المواقف الرسمية والدبلوماسية المصرية، حيث قام الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء وأحمد أبو الغيط وزير الخارجية بالاتصال بنظرائهم الجزائريين والتأكيد على عدم وجود إصابات بين الجزائريين بالقاهرة، ومطالبتهم بالقيام بدورهم في تأمين المصريين وحمايتهم.
وهو ما أكدته تصريحات السفير حسام زكي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية والذي نفى الشائعات التي ترددت عقب مباراة مصر والجزائر عن إصابة بعض الجزائريين في أحداث شغب بالقاهرة، مؤكدًا أن هذه الشائعات لا أساس لها من الصحة.
ثم كان رد فعل السفير الجزائري بالقاهرة عبد القادر حجار عقب استدعاء الخارجية المصرية له لإبلاغه بالقلق المصري تجاه الأحداث الأخيرة في الجزائر، وعليها نفى حجار مقتل أي مشجع جزائري في مصر أو تعرضهم لأي اعتداء، أو تساهل الشرطة المصرية في حماية المشجعين الجزائريين في مصر، وكذّب حجار الخبر الذي نشرته جريدة "الشروق" الجزائرية بمقتل عدد من مشجعي الجزائر في القاهرة.
وفي تصريح له للقناة الأولي في التليفزيون الجزائري قال عبدالقادر "لا توجد أية حالة وفاة لجماهير الجزائر في القاهرة.. لم ترد لنا أية أخبار بهذا الشأن".
والواضح أن تصريحات حجار لم تصل للشعب الجزائري، أو لم يصدقوها، حيث استمرت الاعتداءات عدة أيام.
بعدها تلقى أبو الغيط وزير الخارجية تأكيدات من نظيره الجزائري مراد مدلسي بأن السلطات الجزائرية اتخذت كافة الإجراءات التي تؤمن المصريين الموجودين في الجزائر، وصرح أبوالغيط حينها مؤكدًا على أن مدلسي أكد له خلال اتصال هاتفي أن السلطات الجزائرية سوف تسعى وبقوة لتأمين المصريين هناك، مشيرًا أنه أكد لنظيره الجزائري أنه يجب التصدي لهذه الجماعات المخربة التي تهاجم الأماكن التي يعمل بها المصريون في الجزائر، لأنه يمثل تهديدًا شديدًا لأوضاعهم ويفرض عليهم السعي للخروج من الجزائر وهو ماليس في مصلحة الشعبين.
وأشار أبوالغيط الي أن الوزير الجزائري أبدى انزعاجه من رغبة شركات مصرية للخروج باستثماراتها من الجزائر، وأكد أبو الغيط أنه لا نية على الإطلاق لدى الحكومة المصرية لتشجيع هذا الاتجاه، وأنه اتفق مع نظيره الجزائري على أن يتبني الإعلام في البلدين سياسات إيجابية تؤدي إلى وقف هذا التهييج وتسيطر على الموقف.
وأشار أن هناك جهات أجنبية تسعى لتعميق الخلاف، و"أننا نعتقد أن هناك إعلامًا خارجيًا كان يسعى للعيش على هذا التوتر بين مصر والجزائر".
ووصل التصعيد الجزائري قمته عقب انتهاء المباراة الفاصلة، حيث تعرض الجمهور المصري في السودان لاعتداءات بشعة وحالة ترويع مشينة فضلاً عن استمرار الاعتداءات على المصريين المقيمين في الجزائر، مما استدعى معه تصعيدا للموقف الدبلوماسي المصري.
وقررت مصر استدعاء السفير المصري بالجزائر عبد العزيز سيف النصر والذي عرض على وزير الخارجية تقريرًا تفصيليًا حول أوضاع المصريين في الجزائر، بما في ذلك ملابسات الاعتداءات التي تعرضت لها بعض المؤسسات والشركات المصرية هناك، وما تعرض له عدد من المصريين هناك من عمليات تخويف وترويع في إطار تداعيات مباراتيْ كرة القدم بين مصر والجزائر.
وقابلت الدبلوماسية الجزائرية التصعيد المصري بصمت مريب غير مبرر، اللهم إلا تصريح مقتضب لعبد القادر حجار السفير الجزائري بالقاهرة أكد فيه أنه لم يدلِ بأي تصريح لأية جهة إعلامية، وأن الجزائر "لن تقدم أي اعتذار حول الأحداث الأخيرة بعد مباراة منتخبيْ مصر والجزائر التي جرت في أم درمان".
وقررت الخارجية المصرية على أثر هذا الصمت الجزائري عدم عودة السفير المصري إلى الجزائر مرة أخرى حتى تهدأ الأمور وتضطلع الحكومة الجزائرية بمهامها في حماية المصريين ومصالحهم بالجزائر.
وبلغ التصعيد المصري قمته يوم الاثنين، حيث أكد مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية أن لجنة الشباب بمجلس الشعب قررت قطع العلاقات الرياضية مع الجزائر واستدعاء السفير المصري هناك للتشاور، كنوع من الاحتجاج ومن أجل الاطمئنان على أحوال المصريين في الجزائر، وكذلك استدعاء السفير الجزائري في مصر وإبلاغه رسالة عنيفة برفض مصر لكل ما حدث من الجزائريين وتدينه وتحمل الجزائر كامل المسئولية إزاء حماية أرواح وممتلكات المصريين هناك